العلمـــــــانيـــــــــــــــة في سطور

العلمانية

يطلق هذا الفكر في اللغة الإنجليزية (secularism) وتعني اللادينية أو دنيوية
غير أنها اشتهرت باسم العلمانية ولعل ذلك كان مقصوداً بغية إظهارها بمظهر يجعلها
مقبولة بين المسلمين؛ لأن العلم في اللغة الإنجليزية (science) والمذهب العلمي(scientism) وهذا تلبيس شديد حتي يفهم
الناس أن هذا المذهب مقصود به العلم والانفتاح العلمي , وليس هذا هو المراد.

والعلمانية في قاموس ( أكسفورد) : مفهوم يري ضرورة أن تقوم الأخلاق
والتعليم علي أساس غير ديني.

وترجع جذور هذا الفكر الذي نشأ في اوروبا نتيجة الظلم والاستبداد علي يد الكنيسة
لاسيما في العصور الوسطي حيث طغي رجال
الكنيسة بدينهم المحرف وسيطروا علي الحكام والمجتمعات و أرادوا السيطرة علي حقائق العالم فنفوا من
هذه الحقائق ماخالف تصوراتهم , و أقيمت علي الشعبوب هناك مذابح دموية وسميت بمحاكم
التفتيش قتل فيها النساء والرجال بالالاف , ومما يذكر من آلات التعذيب آلات كسر
العظام وتقطيع الأظفار وكلاليب التعليق وقطع الألسنة وألوان شتي من ألوان التعذيب.

وقد صاحب هذا فساد في أحوالهم الدينية , فصكوا صكوك الغفران وزعموا أنه لا
تقبل عبادة العباد إلا من خلال رجال الكنائس.

ورويداً رويداً بدأ التململ والتذمر الذي انتهي بالثورة والتي من أبرزها
الثورة الفرنسية والتي آلت علي نفسها محاربة الملكية وتسلط القساوسة معاً بتطرف
يلخصه شعارها ( اشنقوا آخر ملك بأمعاء آخر قسيس) أي تخلصوا من كل الملوك ورجال
الدين.

وللعلمانية اركان ثلاثة:

1- قصر الاهتمام الإنساني علي الدنيا فقط وتأخير منزلة الدين في الحياة
,فلايصح أن يتدخل الدين في الحياة العامة بل هو محصور في المسجد فقط.

2-
فصل العلم الأخلاق والفكر والثقافة عن الالتزام
بتعاليم الدين _ أي دين كان_ فالأخلاق
والمبادئ عندهم من الاأمور النسبية , التي لاتتغير ولاتتبدل , فالزنا مثلا في
الإسلام حرام ومناف للأخلاق من عهد النبي
صلي الله علية وسلم إلي يوم القيامة , أما في العلمانية فلأمر نسبي فلا حرج
طالما أن الاثنين متفقان علي هذا .

3- إقامة دولة ذات مؤسسات سياسية علي أساس غير ديني.

آراء العلمانيين في مذهبهم:

فإذا سألأت العلماني : هل انزل الله تعالي دين الإسلام ليكون هاديا لنا في
كل أمور حياتنا, فلايجوز لنا أن نرفض شيئا منه ؟ فإن جوابه لايخرج عن ثلاثة
احتمالات :

1- أن يفر من الجواب.

2- أو يقول بوضوح وصراحة : إن الدين يجب أن نعزله عن السياسة والثقافة والفكر
وعن حياتنا الاجتماعية, وقد يكون لطيفا فيقول : إن الدين علاقة الإنسان وربه
ولايخرج عن أ، يكون مسألة شخصية.

يقول يوسف القعيد: إن مفهومي الشخصي للدين هو المسجد أو الكنيسة أو المعبد
, وتقول مني مكرم عبيد رئيسة لجنة العلاقات الخارجية بحزب الوفد: لابد أن تتصدي
الدولة لدعاة الدولة الدينية , أما مصطفي الفقي عضو مجلس الشوري فيريد أن نضع
الدين في مكانه المقدس كما يقول: ( ون الهبوط به إلأي صراعات السياسة) وهذا معنا
كما يقولون لا سياسة في الدين ولا دين في السياسة , فأحكام الله تعالي التي في
قرآ،ه أو سنة نبيه صلي الله علية وسلم نضرب بها عرض الحائط ولا نأخذ منهت إلا
أحكام الوضوء والصلاة والعبادة.

3-
أو يقول العلماني : إن
الدين كله حق والاحتكام إلية واجب , ولكن أين الذين يطبقونه كما أنزل , ثم يأخذ
بعد ذلك بالطعن في حملة الدين ويسمونهم بالمتاجرين بالدين إلخ , وهو يقصد الطعن في
الدين نفسه, فإذن النتيجة واحدة وهي أنه لايمكن للناس بحال من الأحوال تحكيم
الشريعة الإسلامية في شئون حياتهم.

التقليد الأعمي :

إذن ايها المسلمون هؤلاء العلمانيون يقلدون الغرب تقليدا أعمي عاريا عن
الفهم والعقل فضلا عن الدين, فالكنيسة في اوروبا كانت الحاكمة علي الشعب وعلي
السلطة بدين محرف يعذبون ويقتلون فقامت الثورة
علي الكنسية وحجمت الدين في الكنيسةوواجهت الدنيا بهذا الفكر العلماني.

أما في الإسلام فالمسجد لم يسيطر لا علي الحكام ولا علي الشعب , بل كان
مضطهدا في كثير من الأحيان , ثم إن شرع الإسلام عظيم فية صلاح الدنيا والآخرة،
فنقول للعلمانيين : هذا تقليد أعمي يؤدي بكم إلي التهلكة إن لم تدرككم رحمة الله.

ضلال العلمانية:

فالعلماني قد يكون ذلك الشخص الذي يطعن في الدين جهار أو يسب القرآن والسنة
او يستهزئ بهما ، وقد لا يكون كذلك ولكن يعتقد أنه غير ملزم باتباع جميع ماجاء عن
الرسول علية الصلاه والسلام , أو يعتقد انه مخير بين أن يرفض بعض أحكام دين
الإسلام , أو يعتقد أن الدين ليس شاملا لكل الحياة.

فقد يقول لك علي سبيل المثال: إن المرأة غير ملزمة بالحجاب الشرعي؛ لأنه
لايصلح لهذا الزمان ، أو أن الحدود الشرعية لاتصلح للتطبيق في هذا الزمان ؛ لأنها
وحشية, أو يقول إن النظام الاقتصادي لابد أ، يقوم علي الربا.

ونسي هؤلاء المساكين أن الله تعالي قال: (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ)(الأنعام:
من الآية57), (قُل كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ)(النساء: من الآية78) , ( أَفَتُؤْمِنُونَ
بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ)(البقرة: من الآية85) , ( وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ)(المائدة:
من الآية50) ، ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)(المائدة:
من الآية44)،

)ِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ
بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)(المائدة: من الآية47) , (فَلا
وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا
فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً)(النساء:65)

نسي هؤلاء أنهم خالفوا مفهوم الربوبية ؛ لأن من معاني كلمة ( رب) السيادة
والملك ومن تمام الملك أن ينفذ حكم الملك فيما يملك.

فكما أن لله الخلق فله كذلك الأمر: ( أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ
اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)(لأعراف: من الآية54)

فلله الأمر أي الحكم , كما في قوله تعالي: (فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا
عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ )(لأعراف: من الآية77) أي حكم ربهم.

ونسي هؤلاء العلمانيون أنهم خالفوا مفهوم الألوهية , فالإله هو المعبود
والألوهية العبودية , فالعبادة هي حق الله علي خلقه والمطلوب أن يؤدي العبد ما
أمره به الله : ( اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ
مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي )(لأعراف: من الآية59) ، فيفرد الله بكمال الخضوع
لأمره ونهيه واتباعه فيما أحل وحرم.

انتظروا باذن الله الموضوع القادم مع الليبرالية